-

غزة والأسرى والتصعيد.. ما سيناريوهات الصراع بعد

(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- سارة أبو شادي:

في ظل العدوان القائم على قطاع غزة منذ نحو 3 أشهر والذي بدأ في السابع من أكتوبر، ومع حدة المواجهات التي تتم على أرض المعركة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلية المتوغلة في القطاع، لم يجد الاحتلال الإسرائيلي أمامه خيار سوى البحث عن حلول أخرى للحرب وهي اغتيال قادة حركة حماس.

تهديدات عدة خرجت على لسان مسؤولين إسرائيليين تفيد بمطاردة قادة حركة حماس أينما تواجدوا، التهديد الذي نُفذ اليوم في الضاحية الجنوبية في بيروت باغتيال قائد الحركة ونائب المكتب السياسي صالح العاروري اليوم في بيروت، والذي حسبما أكد بعض الخبراء أنّ اغتيال العاروري لن يمر مرور الكرام وسيكون له تأثير كبير على الصراع القائم حاليا في قطاع غزة والجبهة الجنوبية في لبنان.

إنهاء العدوان على غزة

علّق الدكتور غسان محمد المختص بالشأن الإسرائيلي، أن الاحتلال الإسرائيلي باغتيال قائد حركة حماس ونائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، بدأ المرحلة الثالثة من حربه على قطاع غزة، أي بدء عمليات الاغتيال المركزة واستهداف قادة المقاومة، والتي قد أعلن عنها في السابق.

وتابع "غسان" في حديثه لمصراوي، أن اغتيال العاروري رسالة اسرائيلية لجميع قادة المقاومة وهذا يفتح الباب أمام أسوأ الاحتمالات، معتقدًا أن محور المقاومة يضع في اعتباره هذا التطور الخطير، حسبما وصفه، مضيفًا أنّ ما قام به الاحتلال الإسرائيلي هو الترجمة العملية لنظرية الضربة الاستباقية التي تندرج في إطار مقولة الحرب بين الحروب، أي الذهاب الى تصعيد محدد بسقوف دقيقة مع الحرص على عدم التدهور إلى حرب شاملة.

وحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي، فإن كلمة زعيم حزب الله حسن نصر الله غدا ستجيب على الكثير من الأسئلة وستوضح مسار المواجهة وكل الاحتمالات ممكنة، مؤكدا أنّه لا شك أن المقاومة في غزة قرأت باهتمام كبير الرسالة الإسرائيلية، وردها على الاغتيال سيخضع لاعتبارات كثيرة أهمها الإمكانيات العسكرية للمقاومة بعد ثلاثة أشهر من الحرب على غزة.

وتطرق غسان محمد، إلى قرار الرد على عملية الاغتيال، والذي حسب قوله سيتخذ بالتنسيق والتشاور بين أطراف محور المقاومة بمعنى أنه لن يكون هناك قرار منفرد، مشيرًا إلى أنّ ماحدث ساهم في تحسن شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و التي تراجعت الى أدنى مستوى لها في الفترة الأخيرة، مضيفًا : "لا استبعد أن يقرر نتنياهو وقف الحرب بناء على طلب أمريكي كما لو أنه حقق صورة انتصار كان يبحث عنها في غزة".

العاروري وغيره من قادة حماس وضعوا على قائمة الاستهداف منذ سنوات طويلة،حتى عندما كان يقيم في تركيا قبل موافقة أردوغان بذهابه إلى لبنان، لذا فإن عملية الاغتيال لن تعطي الاحتلال الإسرائيلي الشعور بالأمن، ولن تؤثر أيضًا على بقاء واستمرار المقاومة، والدليل أنه سبق للعدو أن اغتال العديد من قادة المقاومة في لبنان وفي غزة وفي مناطق أخرى، وفقا لحديث الباحث في الشأن الإسرائيلي.

لكن وحسب الباحث في الشأن السوري، فإن العدو قبل أن يحتفل بما يعتبره إنجازا لا شك أنه يفكر بالتداعيات والتطورات التي ستنتج عن هذه العملية، والتاريخ من أثبت ذلك، فحينما اغتال الاحتلال قادة بارزين في حركتي الجهاد وحماس، واعتقد حينها أنّه حقق إنجازًا مهمًا لكنّه اكتشف لاحقًا خطأ اعتقاده.

تكتيك الحرب

من جانبه علّق الدكتور حسن مرهج، الخبير والمحلل السياسي الفلسطيني، أنّ الجبهة الجنوبية لن تشتعل كما يتوقع الكثيرين، فالجميع يعلم أن الاحتلال الإسرائيلي سيطارد قادة حماس أينما تواجدوا، لذا فالجميع يتوقع أن تحدث مثل تلك العمليات.

التصعيد الذي يمكن أن يتم هو زيادة حدة القصف بنسبة بسيطة من قبل حزب الله على الحدود الجنوبية، لكن لن يكون هناك أي تطور فالأمر له حسابات سياسية واستراتيجية أكبر مما نتوقع، فمحور المقاومة في لبنان من وجهة نظره أنه يقوم بدوره على أكمل وجه يقدم شهداء ويقصف مواقع إسرائيلية ولن يساهم بأكثر من ذلك، حسبما أعلن "مرهج" لمصراوي.

وتطرق الخبير والمحلل الفلسطيني، أنّ ما حدث من اغتيال صالح العاروري بالنسبة للداخل الإسرائيلي حاليا هو انتصار، يمكن بدوره أن يؤثر على سير المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في غزة، بل يمكن أن يصل الأمر إلى فشل سير عملية التفاوض حسب قوله والتي تواجدت مؤشرات بوصولها إلى نتيجة مبشرة.

ما حدث من اغتيال صالح العاروري حسب الدكتور حسن مرهج، هو تكتيك من تكتيكات الحرب الأخيرة والذي ستلجأ إسرائيل إليه كثيرًا خلال الفترة القادمة.

توسيع دائرة الحرب

وفي الشأن ذاته قال الصحفي وخبير العلاقات الدولية في لبنان إلياس المر، أن ماحدث في بيروت اليوم، من اغتيال صالح العاروري غير المعادلات السائدة منذ بداية الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، وانخراط لبنان بشكل مباشر في هذه الحرب هو لجبهة الإشغال التي أقامتها المقاومة على الحدود الجنوبية للبنان والشمالية لفلسطين المحتلة.

وتابع المر في حديثه لـ"مصراوي"، هذا الحدث هو محطة أساسية في المسار المستمر الممتد منذ 85 يوما، ويأتي في نفس سياق الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي وسياق الضربات التي تنفذها خارج غزة؛ نتيجة الإخفاقات الميدانية والعسكرية التي مُني بها جيش الاحتلال في القطاع بمواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية، لذلك تسعى إلى تحقيق انتصارات خارج الحدود الفلسطينية بسبب عجزها عن تحقيق ذلك في الداخل، وهو ما يتضح من الضربات التي نفذتها في لبنان وسوريا على مدار الأيام الماضية ومن خلال اغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضا الموسوي في دمشق أيضًا.

والحقيقة حسب الخبير بالعلاقات الدولية، فإن إسرائيل لا تكف عن مثل هذه المحاولات، ولكن أن تقوم بمثل هذا العمل الأمني، في ظل ورود معلومات تفيد بأن هذه الطائرة بقيت لأكثر من ساعة تحلق بشكل دائري فوق بيروت، هو أمر لن يمر هكذا.

أمّا بشأن توسيع دائرة الحرب أم الاكتفاء بتسريع وتيرة استهدافات حزب الله لشمال إسرائيل، فحسب "المر" فإن كلا الاحتمالين واردين، الأول بأن يوسع دائرة الاستهداف من حيث الجغرافيا والمدى العملياتي وأن تشمل ضرباته تل أبيب ومناطق أبعد من الجليل الأعلى، والثاني بأن يبقي على المساحة الجغرافية المستهدفة لكن مع تصعيد مستوى الضربات كمّا ونوعا، بأن يكون عددها أكبر ضمن نفس الدائرة أو باستخدام أسلحة وصواريخ لم يسبق له استخدامها في استهدافاته على مدار الـ 85 يوما الماضية.

وأشار إلياس المر، إلى أنه يمكن أن يلجأ الحزب إلى استخدام الطائرات المسيرة في عملية لاغتيال أحد القادة العسكريين في المنطقة الشمالية بالجليل الأعلى، ومن المحتمل أن يرد بوسائل أخرى، موضحًا أن هذه العملية لها مفاعيل أكبر حيث وقعت في لبنان؛ لأنها تهدد قواعد الاشتباك القائمة بين لبنان والعدو الإسرائيلي منذ أكثر من 85 يوما، بأن تتغير نحو الأسوء.

ولفت "المر"، إلى أنه من الطبيعي أن لا أحد يعلم بالسيناريوهات التي قد يكون حزب الله أعدها، خصوصا وأن حسن نصرالله حذر إسرائيل في أغسطس الماضي، خلال ذكرى تحرير الجرود الشرقية، من تداعيات تنفيذ اغتيالات على الأراضي اللبنانية وهو ما قامت به بالفعل، ولذلك من الطبيعي أن مجلس القيادة في حزب الله أعد لهذا السيناريو القائم إنا أن يوسع دائرة الحرب أم سيكتفي بتسريع وتيرة ضرباته.

ووفقا لخبير العلاقات الدولية من بيروت إلياس المر، فإن العملية التي قامت بها إسرائيل هدفها الأساسي هو جر وتوريط لبنان بشكل أكبر من أجل إقحامه بشكل أكثر في هذه الحرب، فالعملية يمكن أن تدفع بلبنان للانخراط في الحرب الدائرة حاليا بشكل أوسع وليس أن يكتفي بالبقاء كجبهة إشغال، مع الحفاظ على قواعد الاشتباك القائمة منذ عام 2006 بل لينزلق لبنان وتنزلق مع المنطقة إلى حرب أوسع وأشمل وهذا ما تدركه إسرائيل جيدًا.

حسب خبير العلاقات الدولية، فإنه اليوم القيادة السياسية الحالية في إسرائيل، تدرك جيدًا أن نهاية الحرب تعني نهايتهم لذا فهم يريدون الحرب بوضعها الحالي في غزة بل وتوسيع دائرتها من أجل التمكن من إعادة خلط الأوراق، فإذا توسعت دائرة الحرب يمكن أن يتم إعادة ترتيب الملفات في المنطقة بل وإعادة بناء مستقبل المنطقة على أساس توازنات مختلفة غير القائمة اليوم والتي أغلبها في مصلحة محور المقاومة وليس إسرائيل، والتي لم تستطع حتى الآن تحقيق أي إنجاز في غزة، لذا هي بحاجة إلى خيار ثالث والخيار الثالث هو توسيع ودحرجة المنطقة بأسرها إلى مواجهة مفتوحة وحرب كبرى.