في حريق العتبة.. "مصطفى" مات في محاولة إنقاذ
كتب ـ رمضان يونس:
كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة منتصف الليل، حين هدأ ضجيج شارع الرويعي، وانخفض الزحام في "سوق العتبة"، وبدأ عُمال "الفرشة" في لم بضاعتهم.
الرتابة نفسها ليوم عمل كان يفترض به أن يكون عاديًا، حين بدأ "مصطفى أبوزيد" ـ الثلاثيني ـ في لم فرشته، مغلقًا مخزنه، منهيًا عمله، قبل أن تنقلب رتابة هذه الليلة ضجيجًا وصراخًا بحريق جديد أعاد سُكان القاهرة إلى وضع حريق "حارة اليهود" الأسبوع الماضي.
منذ الوهلة الأولى للحريق الذي بدأت شرارته في الطابق العلوي داخل "عمارة علي برعى"، ابتعد "مصطفى" عن لهيب النار كونه يعاني من حساسية في الصدر.
علا الدخان واشتد حصار النار، وسريعًا انتقلت إلى الطوابق العليا من العقار الذي يحتوي على مخازن، وساعد في انتقالها من مخن لآخر وجود مواد قابلة للاشتعال، حسب وصف"علاء"، أحد المتضررين من الحريق.
عمل "مصطفى" شيّالًا في السوق حينما أتى من الصعيد في أول مرة قبل نحو 10 أعوام. دارت الليالي ومضت السنون بحلوها ومرها، حتى اشترى فرشة وباكية ملابس ليعول أسرته "كل واحد هنا بادي من الصفر.. واللي تضرروا كلهم أصحاب الفرش ومخازن البضاعة"؛ يقول أحد شهود العيان.
في الثانية صباحًا، ومع اقتراب النار إلى باكية "مصطفى" التي يشون داخلها بضاعته. هنا، جازف بروحه من أجل أن يخرج من مخزنه بكل ما هو ثمين وغال.
30 دقيقة صارع فيها البائع الموت، لم ير إلا الظلام الدامس، عقب فصل التيار الكهربي عن الشارع، حتى أخرجه الأهالي محمولًا بين الأيادي "قاطع النفس".
لم يرغب "مصطفى" حينها الذهاب للمستشفى وترك بضاعته، بينما طلب من أحد الأهالي أن يذهب به إلى أقرب صيدلية ليتلقى العلاج اللازم، قبل أن تعزز قوات الحماية المدنية بعربات إسعاف مجهزة تحسبًا لوجود حالات اختناق.
قبل شروق الشمس وبعد معاناة "مصطفى" مع الدخان عقب تفحم مخزنه بالكامل حال انهيار العقار المكون من 3 طوابق على البضائع، نُقل إلى مستشفى سيد جلال حسبما أكد "علاء" أحد الباعة، لكنه فارق حياته متأثرًا بإصابته. "مصطفي مات من الخنقة .. وملحقش أي حاجة.. كل الناس اللي تضررت أرزقية".
بدروها، ألقت أجهزة الأمن بالقاهرة، القبض على صاحب محل الأحذية المتسبب في حريق سوق العتبة، فيما جاري عرضه على جهات التحقيق المختصة بالقاهرة، لمباشرة التحقيق معه بشأن ما جري.
وكانت غرفة عمليات النجدة، رصدت نيرانا تخرج من مخزن فى وسط البلد وعلى الفور انتقل رجال الحماية المدنية مصحوبين بعدد من سيارات الإطفاء تبعتها سيارات أخرى.
جرى اتخاذ الإجراءات القانونية، وتولت النيابة المختصة التحقيق.