تقرير: مهمة شاقة أمام مصر لتغطية فجوة التمويل
كتب- منال المصري:
قال بنك HSBC إنه رغم احتمالات حصول مصر على دعم إضافي من صندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل الدولية لإعادة التوازن في أزمة توافر العملات الأجنبية وسد الفجوة التمويلية، فإن مصر تنتظرها مهمة شاقة، حيث يجب أن يكون التمويل كافيًا لتغطية فجوة التمويل، واستعادة الثقة في صنع السياسات، ونظام صرف العملات الأجنبية.
وأوضح البنك، الذي يتخذ من لندن مقرا رئيسيا له، في ورقة بحثية، اطلع على نسخة منها، أنه من الصعب قياس حجم التمويل المطلوب الذي تحتاجه مصر، لكن كمعيار مرجعي، يحدد التسهيل الممدد الحالي احتياجات التمويل الخارجي المحتملة لمصر بنحو 53 مليار دولار خلال العامين الماليين 2023-2024 و2024-2025.
وتواجه مصر ضغوطا شديدة من نقص النقد الأجنبي وانتشار السوق السوداء بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار، بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية خلال النصف الأول من العام الماضي.
وبحسب ما قاله بنك HSBC في تقريره، فإن مصر لديها مدفوعات ديون بقيمة 36 مليار دولار مستحقة على مدى العامين المقبلين (تصبح 40 مليار دولار إذا لم يتم تجديد الودائع الخليجية المستحقة، و52 مليار دولار إذا تم تضمين الفائدة).
وأظهر البنك المركزي في آخر تقرير حول "الوضع الخارجي للاقتصاد المصري"، أن قيمة مدفوعات الدين المفروض على مصر سدادها تقدر بنحو55.9 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالي والمقبل.
ويبدأ العام المالي في مصر من أول يوليو من كل عام وينتهي في آخر يونيو من العام التالي.
كانت مصر سددت خلال آخر عامين ماليين (2021-2022 و2022-2023) نحو 52 مليار دولار منها 25.4 مليار دولار خلال العام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2023، بحسب بيانات للبنك المركزي.
وأوضح تقرير بنك HSBC أن هناك "تراكم" للطلب غير المُلبى على الدولارات والذي يجب تصفيته قبل أن يتمكن سوق الصرف من الاستقرار، حيث تختلف تقديرات هذا المبلغ، ولكن سوف ينخفض الإجمالي بمجرد حدوث تخفيض لقيمة العملة.
ويوجد طلب كبير على البضائع المخزنة في الموانئ، والأرباح المحتجزة والمدفوعات الرأسمالية، والمتأخرات المستحقة لموردي السلع الأساسية، والمدفوعات المستحقة عن الواردات الممولة من قبل مالكين في الخارج، بحسب البنك.
ورفع بنك HSBC توقعاته لسعر الدولار مقابل الجنيه في الربع الأول من عام 2024، مع الخفض المتوقع لقيمة العملة المحلية، ليتراوح سعر العملة الأمريكية بين 40 و45 جنيها مقابل توقعات سابقة له بمستوى بين 35 و40 جنيها.
وأشار إلى أن هذا السعر المتوقع سيحدث مع تنفيذ تحول مصر لسعر صرف مرن بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وبيع حصص من الأصول المملوكة للدولة.
وأضاف البنك، في تقريره، أنه يجب على برنامج التمويل واسع النطاق أيضًا بالتعاون مع صندوق النقد الدولي أن يدرس ديناميكية الدين الأوسع في مصر، والتي وصفها الصندوق، حتى في أواخر عام 2022، بأنها مستدامة، "ولكن ليس ذات احتمالية عالية".
ومنذ ذلك الحين، تدهورت الظروف مع تباطؤ النمو، وضعف العملة وارتفاع أسعار الفائدة، حيث تظهر أحدث بيانات وزارة المالية أن رصيد الدين العام بلغ 96% من الناتج المحلي الإجمالي ــ بزيادة أكثر عن 8% في عام واحد.
وفي الوقت نفسه، تظهر بيانات الأشهر الأربعة الأولى من هذه السنة المالية، وفق ما أكد عليه بنك HSBC في تقريره، أن خدمة الدين تضاعفت تقريبًا على أساس سنوي لتتجاوز إجمالي الإيرادات المالية للحكومة، مما ترك مصر تعاني من عجز رئيسي قدره 4.7% من إجمالي الناتج المحلي للعام بأكمله.
كانت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، قالت إن الصندوق يدرس بجدية زيادة محتملة لبرنامج القرض المقدم لمصر، وذلك بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن التصعيد في غزة، بحسب ما أوردته وكالة رويترز في وقت سابق من الشهر الماضي.
وقال البنك إنه كدليل إرشادي، افترض برنامج تسهيل الصندوق الممدد أن مصر ستجمع 30 مليار دولار ( أو نحو 60% من احتياجات التمويل) في الفترة 2023-2024 و2024-2025 من الأسواق العالمية من خلال تدفقات المحافظ وإصدار الديون طويلة الأجل.
وبدون برنامج دعم عام واسع النطاق وإجراءات سياسية قوية، سيكون هذا هدفًا صعب المنال، وكذلك الآمال في جمع 6.4 مليار دولار من مبيعات الأصول خلال نفس الفترة، وفقا للتقرير.
وتحتفظ الشركات الخاصة والأسر بودائع بالعملة الأجنبية تبلغ نحو 50 مليار دولار، وهناك احتمال بأن تبيع هذه الشركات الدولارات لتحقيق مكاسب بالعملة المحلية بمجرد تخفيض قيمة العملة لكن هذا لن يأتي إلا إذا كان تعديل سعر الصرف ذا مصداقية ومضمونا.
وفي ظل التقلبات الأخيرة، من المرجح أن يكون الحد الأقصى لمبيعات الأصول أقل بكثير من 8 مليارات دولار إضافية من العملات الأجنبية التي جمعها القطاع الخاص على مدى العامين الماضيين ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتزايد اعتماد مصر على الكيانات الثنائية والمتعددة الأطراف، وفقا للتقرير.