شذوذ غريب في جاذبية الأرض بين 2006 و2008

في فترة بين عامي 2006 و2008، أجرى باحثون دراسة مثيرة تكشف عن وجود شذوذ غير مسبوق في مجال جاذبية الأرض. يعتقد أن هذا الشذوذ ناتج عن تحول معدني عميق داخل وشاح الأرض، مما أثار اهتمام العلماء حول ما قد يعنيه ذلك بالنسبة لفهمنا للمعايير الجيولوجية للكوكب.
ليلى مدبلج الحلقة 201
إشارة جاذبية غريبة قبالة سواحل إفريقيا
لقد تم رصد إشارة جاذبية غير طبيعية فوق شرق المحيط الأطلسي، قبالة السواحل الإفريقية، وذلك عبر أقمار GRACE الصناعية التابعة لوكالة ناسا والمركز الألماني للفضاء الجوي. استمرت هذه الإشارة الغريبة قرابة عامين وبلغت ذروتها في يناير 2007، مما أشار إلى وقوع حدث جيولوجي غير عادي في أعماق كوكبنا.
تشير نتائج الدراسة، التي نشرت في مجلة رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية، إلى أن الشذوذ الجاذبي الذي تم رصده يتزامن مع هزة جيومغناطيسية، أي تغير مفاجئ في المجال المغناطيسي للأرض، مما يعكس وجود علاقة معقدة بين هذين الحدثين.
شكوك علمية
أعربت ميورا مانديا، المؤلفة المشاركة في الدراسة وخبيرة الجيوفيزياء في المركز الوطني للدراسات الفضائية بفرنسا، عن شكوكها في البداية حول صحة الإشارة. وفي تصريحاتها لموقع لايف ساينس، قالت: "كان تساؤلي الأول: هل هذه الإشارة حقيقية؟ وكيف يمكن التأكد من ذلك؟" وأكدت أنه رغم أن النتائج كانت مطمئنة، إلا أن الأهم الآن هو دراسة الآثار المحتملة والاتجاهات المستقبلية.
كيف رصدت أقمار GRACE الظاهرة؟
تتكون مهمة GRACE من قمرين صناعيين متطابقين، تم إطلاقهما في عام 2002، كجزء من مشروع مشترك بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الألمانية. وقد استمرت مهمتهما حتى عام 2017. كان القمران يدوران حول الأرض جنبًا إلى جنب، حيث يقوم العلماء بقياس المسافة الدقيقة بينهما لرصد أي تغيرات في جاذبية الأرض، والتي عادة ما تكون ناتجة عن اختلافات في توزيع الكتلة مثل حركة المياه أو الجليد.
في هذه الحالة، ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن التغير الجاذبي لم يكن ناتجًا عن ظواهر سطحية، بل كان نتيجة لنشاط عميق في باطن الأرض.
تحول معدني في أعماق الوشاح
أظهرت الدراسة أن الشذوذ الجاذبي امتد لمسافة تقارب 7000 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب، وهو ما يعادل تقريبًا طول القارة الإفريقية. يعتقد العلماء أن التحول الطوري في معادن سيليكات المغنيسيوم (MgSiO3) من البيروفسكايت إلى ما بعد البيروفسكايت في الجزء السفلي من الوشاح هو السبب الرئيسي وراء إعادة توزيع الكتلة، حيث يؤدي الضغط الهائل إلى تغييرات في بنية المعدن وبالتالي تغيير في الكتلة في تلك الأعماق.
اختتمت مانديا تصريحاتها بالتأكيد على أن هذه النتائج تؤكد لنا مدى تعقيد كوكبنا، قائلة: "الأرض نظام معقد يتطلب دراسته باستخدام مجموعات بيانات متنوعة وطرق تحليل متكاملة، مما يمنحنا الفرصة لاكتشاف العمليات الخفية في باطن الأرض وفهمها بشكل أفضل."