-

بعد تجديد تعيينه.. ما الأدوات التي يملكها محافظ

بعد تجديد تعيينه.. ما الأدوات التي يملكها محافظ
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتبت- منال المصري:

قال مصرفيون إن حسن عبد الله محافظ البنك المركزي، الذي صدر قرار بإعادة تعيينه لمدة سنة أخرى، يمتلك أدوات متعددة لضبط سوق الصرف والسيطرة على سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية والقضاء على السوق السوداء لتجارة العملة خلال الفترة المقبلة.

وأضافوا أن هذه الأدوات تتضمن العمل على جذب المزيد من موارد النقد الأجنبي سواء من مصادرها الرسمية ليكون لها الدور الأبرز في هذه العملية أو عبر تمويلات برنامج صندوق النقد وما يفترض أن يتبعها من تمويلات الشركاء، أو بعض الأدوات الأخرى مثل مؤشر الجنيه، أو العمل بالعقود الآجلة أو حتى استخدام جزء من احتياطي النقد الأجنبي.

وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسي تكليف حسن عبد الله "كقائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري" لمدة عام آخر اعتبارا من يوم 18 أغسطس 2023، بحسب القرار الذي أصدره ونشرته الجريدة الرسمية.

وخلال عام ونصف ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 96%، ليقفز متوسط سعره في البنوك من 15.76 جنيه في 20 مارس 2022 إلى قرب 31 جنيها حتى آخر التعاملات.

ورغم انخفاض الجنيه ما زالت تواجه مصر ضغوطا لجذب تدفقات النقد الأجنبي بما تسبب في ظهور السوق السوداء لتجارة العملة (السوق غير الرسمية لبيع وشراء العملة) ووجود سعرين للدولار مقابل الجنيه.

ويتداول سعر الدولار في السوق السوداء عند نحو 39.5 جنيه و39.6 جنيه للدولار الواحد مقابل أقل من 31 جنيه في البنوك والصرافات أي بزيادة نحو 8 جنيهات، بما يعكس حجم الأزمة القائمة.

تعزيز الموارد الدولارية

قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، لمصراوي، إن توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية يعد أهم الملفات على طاولة محافظ البنك المركزي خلال الفترة الراهنة، والذي يمكن أن يحدث من خلال تنمية مصادر النقد الأجنبي من مصادرها الرسمية بعيدا عن القروض.

وأضاف عبد العال أن البنك المركزي له دور غير مباشر في تنمية الموارد الدولارية من خلال التعاون مع السياسة المالية (المتمثلة في وزارة المالية) وبعض الأجهزة الحكومية التي لها دور مباشر في عملية جذب النقد الأجنبي من مصادره الأساسية.

وتأتي تدفقات النقد الأجنبي الرسمية لمصر من 5 مصادر أساسية وهي إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، والصادرات، وإيرادات قناة السويس، وصافي الاستثمار الأجنبي المباشر، إلى جانب بعض المصادر الأخرى ومنها تقديم بعض خدمات التعهيد والاتصالات للخارج، والاستثمارات غير المباشرة، والاقتراض.

وأظهر تقرير للبنك المركزي تراجع حصيلة تدفقات النقد الأجنبي على مصر من 5 مصادر رسمية لها بنحو 3.75 مليار دولار بنسبة 4.9% في أول 9 شهور من العام المالي 2022-2023 لتنخفض إلى نحو 73 مليار دولار مقابل نحو 76.7 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام السابق عليه 2021-2022 من الفترتين المقارنتين، تأثرا بتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وحصيلة الصادرات.

وقال محمد بدرة، الرئيس التنفيذي الأسبق لأحد البنوك الخليجية، لمصراوي، إن تنمية موارد النقد الأجنبي تحتم التأكد من دخول كافة الموارد الرسمية للدولة من النقد الأجنبي من خلال البنوك ومنع ذهابها للسوق السوداء.

وأشار إلى ضرورة وجود آليات واضحة تضمن دخول حصائل التصدير والسياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج بطريقة غير شرعية وعدم ترسبها للسوق السوداء.

كانت بيانات البنك المركزي كشفت عن تراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 26.1% خلال أول 9 شهور من العام المالي 2022-2023 لتقتصر على نحو 17.5 مليار دولار مقارنة بنحو 23.6 مليار دولار من نفس الفترة من العام السابق له.

قرض الصندوق

تعول مصر في استمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي على جذب تدفقات دولارية بنحو 14 مليار دولار من مؤسسات مالية دولية وإقليمية وعودة ثقة المستثمرين الأجانب مجددا، وذلك بعد موافقته على برنامج للإصلاح الاقتصادي وتمويله بقرض بقيمة 3 مليارات دولار في ديسمبر الماضي، يصرف على شرائح.

وبحسب محمد بدرة، فإن أحد الحلول أمام البنك المركزي لتعزيز موارد النقد الأجنبي يتمثل في استئناف التعاون مع صندوق النقد الدولي بعد تعليق المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي حتى استكمال مصر السياسات اللازمة منها سعر صرف للجنيه أكثر مرونة مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وتخارج الدولة من بعض الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص.

كان صندوق النقد الدولي وافق على صرف أول شريحة من القرض لمصر بنحو 347 مليون دولار مع إقرار اتفاق التعاون في ديسمبر، لكنه تأخر في إجراء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتي كان من المفترض إجراؤها منتصف مارس الماضي، وهو ما أرجعه بعض المحللين ومؤسسات التمويل الدولية إلى خلاف حول مرونة سعر الصرف.

واتفق محمد عبد العال، مع الرأي السابق، على أن استئناف مصر لبرنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي سيعزز من نمو موارد الدولار مع حصولها على الشريحة الثانية والثالثة من القرض.

وأوضح أن وصول مصر لتوافق مع صندوق النقد الدولي حول القروض القائمة أو الحصول على قرض آخر جديد سيساعدها في ضبط سعر الصرف وعودة تدفقات الدولارية.

كان صندوق النقد الدولي قال، بعد موافقته على قرض مصر بقيمة 3 مليارات دولار، إنه يدرس طلب مصر بالحصول على تمويل إضافي قدره مليار دولار من خلال "صندوق المرونة والاستدامة" الذي تم إنشاؤه حديثا بالصندوق.

مؤشر الجنيه

أعلن حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، العام الماضي أنه يعتزم إطلاق مؤشر خاص بالجنيه المصري يضم سلة من العملات الدولية والذهب، لتغيير ثقافة ربط الجنيه بالدولار.

ويرى محمد بدرة أن إطلاق مؤشر للجنيه سيكون من ضمن الخطوات الأولى للعودة إلى سياسة سعر صرف للجنيه أكثر مرونة مقابل الدولار بشرط توافر حصيلة من النقد الأجنبي لا تقل عن 5 مليارات دولار تمكنه من تجنب حدوث هبوط مفاجئ للعملة المحلية.

وأوضح أن مؤشر الجنيه سيساهم في استقرار سعر الصرف وتحديد سعره مقابل كل عملة وفق العرض والطلب.

وقال محمد عبد العال إن تأثير مؤشر الجنيه على استقرار سعر صرفه مقابل باقي العملات لن يظهر سريعا إلا بعد القضاء على الفجوة الدولارية الحالية.

ومؤشر الجنيه سيكون له دور مستقبلي في إعطاء صورة صحيحة عن سعره مقابل باقي العملات سواء بالاستقرار أو الانخفاض أو الزيادة، بحسب عبد العال.

العقود الآجلة

بدأ عدد من البنوك على استحياء تنفيذ عمليات المشتقات المالية بسوق الصرف، بهدف تقديم خدمة مالية متكاملة تتيح لعملاء البنوك التحوط ضد مخاطر تذبذبات أسعار الصرف بعد إعلان البنك المركزي عودة العمل بعقود أدوات المشتقات المالية، وفق ما قالته مصار مصرفية في وقت سابق لمصراوي.

ويرى محمد عبد العال، أن العقود الآجلة للاستيراد ستخلق سوقا واعدة مستقبليا وتخفيف الضغط على العملة، وهي إحدى الأدوات المستخدمة في يد كافة البنوك المركزية العالمية لمعالجة الأزمات.

وأضاف أن العقود الآجلة تحقق هدفين: الأول توفير سيولة حالية أو مستقبلية بغرض التجارة، والثاني تجنب تقلبات سعر الصرف من خلال توفير مرونة لتمويل التجارة سواء على المدى القصير أو الطويل.

وسمح البنك المركزي للبنوك بإتاحة هذه المشتقات للعملاء من الشركات عبر القيام بعمليات الصرف الآجلة (FX Forwards)، إلى جانب القيام بعمليات مبادلة أسعار الصرف (FX SWAPs)، والقيام بعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم (Non-Deliverable Forwards) بهدف تأمين مخاطر تذبذب العملة للعملاء المستوردين.

احتياطي النقد الأجنبي

قال محمد بدرة، إن البنك المركزي يمكنه التدخل باستخدام جزء من احتياطي النقد الأجنبي لضبط سعر الصرف من خلال طرح عطاء للبنوك كما حدث في وقت سابق خلال عهد هشام رامز محافظ البنك المركزي الأسبق، وهو حق أصيل في يد كافة البنوك المركزية لضبط أسواق الصرف.

ويتوقع أن يساهم تدخل البنك المركزي عبر الاحتياطي في تهدئة السوق السوداء وتراجع سعر الدولار ليبدأ بعد ذلك بشرائه بسعر أقل من الذي باعه به، وبالتالي ينعكس على وفرة النقد الأجنبي والقضاء على السوق الموازية.

وتمكن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من مواصلة الارتفاع خلال الـ 11 شهرا الأخيرة بعد ما سجل هبوطا حادا بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022.

وزاد احتياطي النقد الأجنبي لمصر خلال آخر 11 شهرا بنحو 1.737 مليار دولار مرتفعا من 33.1 مليار دولار في أغسطس 2022 إلى نحو 34.878 مليار دولار في يوليو الماضي.