سلوك النمل في دفن موتاه: غريزة للبقاء

سلوك النمل في دفن موتاه: غريزة للبقاء

قد يُثير سلوك النمل في دفن موتاه تساؤلات عديدة حول مشاعر الحزن أو التكريم، ولكن وراء هذا السلوك الغريب يكمن دافع قوي وأساسي. إن دفن الجثث ليس تعبيرًا عن الحزن، بل هو غريزة طبيعية تهدف إلى حماية المستعمرة من الأمراض والتهديدات المحتملة. بالنسبة للنمل، فإن الجثة تُعتبر خطرًا حقيقيًا يجب التعامل معه بسرعة فائقة.

رائحة الموت: السبب الرئيسي

عندما تُفارق النملة الحياة، يطلق جسدها مادة كيميائية تُعرف باسم حمض الأوليك (Oleic acid). هذه المادة تلعب دورًا حاسمًا في إبلاغ بقية النمل بأن هناك نملة قد ماتت، مما يستدعي ضرورة التخلص منها سريعًا. بمجرد أن تُشم هذه الرائحة، يبدأ النمل في حمل الجثة ونقلها بعيدًا عن المستعمرة.

أهمية الاستجابة السريعة

تكمن أهمية هذه الاستجابة في تجنب انتشار الأمراض، حيث أن الجثث يمكن أن تصبح بيئة مثالية لنمو الفطريات والبكتيريا، مما يُشكل تهديدًا لسلامة المستعمرة بأكملها.

تجربة علمية مثيرة

قام العلماء بإجراء تجربة مثيرة لاختبار هذه النظرية، حيث وضعوا قطرة من حمض الأوليك على نملة حية. وكانت النتيجة مذهلة: النملات الأخرى هرعت لحمل النملة الحية وكأنها جثة، رغم مقاومتها وتحركها. استمر هذا السلوك حتى قامت النملة بتنظيف نفسها من رائحة الحمض، مما يبين كيف تؤثر هذه الإشارة الكيميائية على تصرفات النمل.
بارينيتي الحلقة 85

سلوك صحي غريزي

تُظهر هذه الظاهرة وعي النمل بأهمية النظافة والصحة العامة داخل المستعمرة. يُعتبر دفن الموتى شكلًا من أشكال "التباعد الاجتماعي" والحجر الصحي الذي يهدف إلى منع العدوى من الانتقال إلى النمل السليم. ومن المثير للاهتمام أن بعض أنواع النمل لديها أفراد متخصصون يُطلق عليهم "النمل الجنائزي" الذين يتخصصون في حمل الموتى، ويبقون خارج المستعمرة لتجنب نقل أي تلوث محتمل.