"كأننا في فرن".. موجات حر قاسية تضرب مختلف
(دويتشه فيله)
من أوروبا إلى العالم العربي وأمريكا، تجتاح موجات من الحر الشديد العالم، وسط درجات حرارة قياسية وتحذيرات من حرائق. وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الأسبوع الأول من يوليو 2023 كان الأكثر سخونة على الإطلاق.
سُجلت درجات حرارة قياسية في جميع أنحاء العالم، يوم السبت من الصين مرورًا بالعالم العربي وأوروبا وحتى الولايات المتحدة، ما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير جذرية للتعامل مع القيظ والحرائق التي تُعزى إلى الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
ففي ألمانيا، يُتوقع ارتفاع درجات الحرارة إلى 38 درجة في أنحاء واسعة من البلاد، وفق بيان صدر عن خدمة الأرصاد الجوية السبت. كما يُتوقع هبوب عواصف رعدية شديدة في الغرب والجنوب الغربي مع خطر هبوب رياح تصل سرعتها إلى 110 كيلومترات في الساعة.
بدورها، تواجه إيطاليا وإسبانيا وشرق فرنسا وبولندا موجة حارة واسعة. وتشهد إيطاليا، من الشمال إلى الجنوب، موجة حارة سترتفع خلالها درجات الحرارة إلى معدلات غير مسبوقة في الأيام المقبلة.
وأصدرت وزارة الصحة الجمعة إشعار تنبيه أحمر يشمل السبت والأحد عددًا كبيرًا من المدن الرئيسية من روما إلى بولونيا ومن فلورنسا إلى بيسكارا مع توقع تسجيل 36-37 درجة مئوية اعتبارًا من الأحد (يشعر السكان بأنها توازي 39 درجة مئوية)، قبل الذروة المتوقعة في بداية الأسبوع المقبل.
في روما، قد ترتفع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية الإثنين ثم 42 أو 43 درجة مئوية الثلاثاء، وهذا أعلى من الدرجة القياسية السابقة البالغة 40,5 درجة مئوية التي سُجلت في العاصمة في أغسطس 2007.
وقالت السائحة التشيكية فيرونيكا نيدرلوفي البالغة 16 عامًا والتي تزور روما لوكالة فرانس برس صباح السبت: "كأننا في فرن. لا يمكننا البقاء طويلًا في مكان واحد، الحر لا يطاق".
وذكرت صحيفة "إل ميساجيرو" اليومية إن لاعبين هواة لكرة القدم يبلغان 48 و51 عامًا توفيا مساء الجمعة بعد إصابتهما بإعياء جراء الحر على الأرجح خلال مبارتين في منطقة نابولي في الجنوب. وقال مركز الأرصاد الجوية الإيطالي إنه يخشى "موجة حرارة صيفية هي الأشد وواحدة من أشد موجات الحرارة على الإطلاق".
تحذيرات من حرائق
ولن يكون شمال إيطاليا في منأى من موجة الحر إذ يتوقع أن تصل الحرارة إلى 38 درجة مئوية الثلاثاء في ميلانو. وُضعت الخدمات الصحية والطبية في جميع أنحاء البلاد في حالة تأهب لتقديم الرعاية للأكثر ضعفًا والتدخل في دور رعاية المسنين.
وأصدرت الحماية المدنية في إيطاليا تنبيهات من اندلاع حرائق في معظم أنحاء سردينيا اعتبارًا من الأحد، وكذلك في شرق صقلية، بين ميسينا وكاتانيا.
ومن بين بلدان البحر الأبيض المتوسط، تعاني اليونان أيضًا من موجة حارة أجبرت السلطات لليوم الثاني على إغلاق الأكروبوليس في أثينا خلال الساعات التي ترتفع فيها الحرارة (11،30 و17،30). وأعلنت أن الموقع المصنف على أنه أحد مواقع التراث العالمي على قائمة اليونسكو ويشهد إقبالًا كبيرًا سيغلق كذلك الأحد في هذه الفترة.
وفي حين تراوح درجات الحرارة المتوقعة في أثينا بين 40 و41 درجة مئوية، فإن "درجة الحرارة الحقيقية التي يشعر بها الجسم ... أعلى بكثير من ذلك" على قمة الأكروبوليس، وفق ما صرحت به وزيرة الثقافة اليونانية لينا مندوني.
ونشر الصليب الأحمر اليوناني فريقًا في الموقع قدم المساعدة لعشرات السياح الذين شعروا بالإعياء، ووزع أكثر من 50 ألف زجاجة من المياه. وقررت السلطات إبقاء معظم المتنزهات والمساحات الخضراء في أثينا مغلقة أيضًا السبت. وبالمثل تقرر إغلاق قصر كنوسوس في جزيرة كريت خلال ساعات الحرارة الشديدة أمام السياح.
وفي وسط اليونان، في منطقة طيبة، ارتفعت الحرارة الجمعة إلى 44.2 درجة مئوية. وإذا كان من المتوقع أن تنخفض قليلاً اعتبارًا من الأحد، يخشى أن تضرب موجة حر جديدة اليونان اعتبارًا من الخميس، وفقًا للمرصد الوطني لأثينا.
وحذرت سلطات اليونان من ارتفاع مخاطر نشوب حرائق، خصوصًا يوم الأحد عندما تهب رياح تراوح سرعتها بين 40 و60 كلم في الساعة فوق بحر إيجه.
موجة حر في المغرب وحرائق بالأردن
وتتأثر بالموجة بلدان شمال إفريقيا أيضًا. ففي المغرب، أعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية عن موجة حر جديدة حتى الثلاثاء تراوح معها درجات الحرارة بين 37 و47 درجة مئوية في عدة ولايات. وتتوالى موجات الحرارة في المنطقة منذ بداية الصيف مع درجات حرارة "أعلى من المتوسط" حتى آب/أغسطس.
وفي الأردن الخاضع لموجة من الحر تجاوزت معها الحرارة 40 درجة مئوية في بعض المناطق، يكافح رجال الإطفاء الحرائق التي نشبت في غابات عجلون في شمال البلاد.
وفي آسيا، تعاني بعض مناطق جنوب وجنوب شرق الصين، بما في ذلك العاصمة بكين، من موجة حر شديدة مع درجات حرارة بين 35-40 درجة مئوية، وفقًا للأرصاد الجوية. وفي أجزاء من مناطق شمال غرب البلاد، يمكن أن تتجاوز بعض المدن 40 درجة مئوية. في اليابان، دعت السلطات السكان إلى توخي الحذر مع توقع أن تصل درجات الحرارة إلى 39 درجة مئوية يومي الأحد والإثنين في شرق البلاد.
وفي الجهة المقابلة من العالم، اصطلت منذ الجمعة عدة مناطق أمريكية يعيش فيها عشرات الملايين بلهب الشمس، من كاليفورنيا إلى تكساس. فقد ارتفعت درجة الحرارة في فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا، الجمعة فوق 43 درجة مئوية لليوم الخامس عشر على التوالي، وفقًا لهيئة الأرصاد الأمريكية.
وفي صحراء وادي الموت بولاية كاليفورنيا، ينهمك رجال الإطفاء منذ الجمعة في مكافحة عدة حرائق مستعرة اجتاحت أكثر من 1214 هكتارًا وأدت إلى إجلاء أعداد كبيرة من السكان.
درجات حرارة قياسية
ويقول عالم المناخ دانييل سوين من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن درجات الحرارة يمكن أن تصل في وادي الموت أو حتى تتجاوز أعلى درجات حرارة للهواء قيست على نحو موثوق على وجه الأرض وبلغت 54,4 درجة مئوية في المكان نفسه في عامي 2020 و2021، وفقًا للعديد من الخبراء.
وتسبب الدخان الناجم عن الحرائق في كندا، حيث ما زال أكثر من 500 حريق خارج السيطرة، بتلوث الهواء في شمال شرق الولايات المتحدة في حزيران/يونيو. على الصعيد العالمي، كان حزيران/يونيو الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقًا لوكالة كوبرنيكوس الأوروبية ووكالة ناسا الأمريكية.
ويشار إلى أن الأسبوع الأول بكامله من شهر تموز/يوليو كان الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. ويقول الخبراء إن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تزيد من شدة موجات الحرارة ومدتها ومعدل تكرارها.
وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الحرارة هي أحد أخطر الأحداث المرتبطة بالطقس. ففي الصيف الماضي، تسببت درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وحدها في وفاة أكثر من 60 ألف شخص، وفقًا لدراسة حديثة.