-

يخشاها رواد الساحل ويأكلها أهل السويس.. معلومات

يخشاها رواد الساحل ويأكلها أهل السويس.. معلومات
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

السويس - حسام الدين أحمد:

في الصيف نلجأ إلى الشواطئ، نستمتع بمياهها نهارا ونسيم هوائها ليلا، إلا أن للبحر أصحاب وسكان، ونحن ضيوف على تلك الكائنات البحرية، تخرج بين الحين والآخر للشاطئ، مثلما فعلت أسماك الأسد بسواحل مطروح ظهرت بأشواكها السامة، وكان لها نصيب من إثارة الخوف كما يثير الأسد الخوف في الغابة.

ربما اكتشف الإنسان جوانب كثيرة من الحياة على البرية، إلا أن ما يعرفه عن البحار والحياة البحرية قليل جدا، بقدر ما مُكن للإنسان الغوص والبحث، ويوم بعد آخر يدرك عقب كل اكتشاف جديد في عالم الحياة البحرية أن ما يجهله أكثر مما يعرفه.

هجرة من البحر الأحمر

لم يؤثر حفر قناة السويس على حركة التجارة بين الشرق والغرب فقط، بل سمح بحدوث تنوع أو بالأحرى تغير في البيئة البحرية بين البحرين المتوسط والأحمر، ذلك التنوع كان وراءه هجرة بعض الأنواع من الأسماك من البحر الأحمر إلى المتوسط، وساهم مشروع توسعة قناة السويس وشق قناة جديدة في زيادة معدل الهجرة.

قبل أيام ظهرت سمكة الأسد على شواطئ الساحل الشمالي، أخافت المصطافين بأشواكها التي تشبه الإبر، رآها منقذي الشاطئ، حاولوا اصطيادها والتخلص منها، خشية أن تصيب أشواكها المصطافين، ليست مفترسة كالقروش، وسمها لا يميت، لكنه يسبب ألم شديد لا يتحمله الكبار، يتجاوز آلام لسعات قنديل البحر، والأسوأ أن لا مصل له.

المحيط الهندي

"تعيش وسط الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر وهاجرت قبل نحو 20 عاما مع أنواع أخرى مثل الدراك والقراض إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس"، تتحدث الدكتور سحر مهنا أستاذ ورئيس قسم المصايد في معهد علوم البحار بخليج السويس، وتضيف أن السمكة تمثل جزء رئيس من النظام البيئي في المحيط الهندي والهادي، ويعرفها الغواصين جيدا بأشواكها السامة ويحذرون دوما من محاولة لمسها، لكن ذلك لا يمنعهم من التقاط الصور بالقرب منها.

لماذا الأسد

تقول الدكتورة سحر مهنا،: إن سمكة الأسد سميت بذلك الاسم بسبب الأشواك التي تظهر حول رأسها، لتمثل هالة من الأشواك وكأنها شعر نبت حول جسم السمكة الرفيعة في شكل يشبه الفراء المحيط برأس الأسد، نافية وجود علاقة بين فك السمكة وأسمها، حيث تمتلك أسنان صغيرة وهي ليست سمكة مفترسة بل تتغذي على الأسماك والكائنات البحرية الصغيرة الموجودة بالشعاب المرجانية.

بينما يطلق عليها الصيادون والعاملون في تجارة الأسماك اسم سمكة الديك، وذلك بسبب تنوع ألونها بين درجات الأحمر وحتى الأسود، تلك الألوان بعد وقوع السمكة في غزل الصيد تشبه ألوان ريش ديوك الدجاج الحمراء.

بين سم وسم

تقول أستاذة المصايد،: إن السموم في جسم الأسماك نوعين، سم معوي داخل الجهاز الهضمي، وهو سم في تكوين السمكة بسبب طبيعة غذاءها مثل سمكة القراض السامة، والتي تتغذي على طحالب سامة، وهي تظل سامة حتى بعد موتها لان كل معدتها وجهازها الهضمي سام وإذا إنفثق الكيس وطالت عصارة المعدة لحم السمك يصبح سام.

الزعنفة الظهرية

وهناك نوع آخر وهو سم دفاعي، تستخدمه الأسماك للدفاع عن نفسها من المفترسات، وفي الغالب يتركز في الأشواك وعند شعورها بالخطر أو لامسها كائن بحري بغرض افتراسها تفرز ذلك السم من غدد صغيرة في نهايات الاشواك، خاصة الموجودة على الزعنفة الظهرية، وهو وسيلة دفاع لدى سمكة "ستون فيش" وسمكة الأسد.

لكن سم الأسد غير مميت إلا أنه يترك آلم شديد، لاسيما إن كانت السمكة حية في البحر، بينما يقل تأثير السم ويصبح ضعيفا بعد موتها سواء خرجت في شباك الصيد، أو القتها الأمواج على الشاطئ.

مسالمة وبطيئة الحركة

"السمكة عادية وليست مؤذية ولا تهاجم المصطافين مطلقا، حركتها بطيئة في المياه وتعيش في الشعاب المرجانية"، تخبرنا سحر مهنا عن نشاط السمكة، وتؤكد ان أكثر ما يجذبها للشاطئ هو السلوكيات الخاطئة ومحاولة إطعام الأسماك قرب الشاطئ وإلقاء المخلفات.

وتابعت أن وجودها في البيئة البحرية طبيعية وهي ثروة سمكية علينا الحفاظ عليها، إذ تشارك مع عشرات الأنواع الأخرى في تكوين لوحات بحرية رائعة حول الشعاب والحيود المرجانية ويحرص السائحين على رصدها والتقاط صور بالقرب منها بسبب شكلها المختلف عن باقي الأسماك الأخرى.

طعام البحر

خلال موسم الصيد تظهر سمكة الأسد لدى التجار في حلقة السمك في السويس، تلقى نصيبا من البيع ولها زبون يفضلها عن غيرها من الأسماك خاصة أن سعرها متوسط، وفي الأعوام الماضية انتشرت أيضا في محافظات الدلتا، إذ يحصل عليها التجار من الأسواق المجمعة من سوق العبور للأسماك والذي يقدم اسماك البحرين المتوسط والاحمر، والأسماك النيلية وإنتاج المزارع السمكية.

صيد عارض

"تخرج كصيد عارض بكميات قليلة جدا.. من كل 200 طاولة سمك نصف طاولة فقط من سمكة الديك وربما أقل من 10 كيلو"، يتحدث مرسى بدير وكيل مراكب صيد بميناء الأتكة في السويس عن سمكة الأسد المعروفة باسم الديك في السويس.

أوضح مرسى بدير، أن السمكة تخرج بكمية قليلة بسبب وجودها قرب الشعاب والحيود المرجانية وهي منطقة لا يفضل الصيادين الاقتراب منها تجنبا للجنوح والحوادث البحرية، أما المراكب وفلك الصيد التي تصطاد عند الشعاب المرجانية بالكاد تعود بطاولتين منها.

طاولة "عفشة"

لصيد البحر درجات على المركب بحسب قيمتها الاقتصادية والكمية المصيدة منها، أعلاها الجمبري، وأقلها ما يطلق عليه الصيادين "العفشة"، وهي طاولة تجمع تشكيلة أسماك وليس نوعا واحدا، خاصة التي تخرج صيد عارض وقيمتها منخفضة نسبيا، مثل سمكة الأسد وسمكة "الخنزيرة الصندوق"، والثعابين الصغيرة والغطيان الرعاش والعصافير وهي سمكة صغيرة قليلة اللحم.

لحم أبيض

تمتاز سمكة الأسد بفصوص لحم أبيض، طعمها مقبول لكن بعض الزبائن يخشون تنظيفها في المنزل، بسبب شكل أشواكها، فيسلمها بعد شرائها لجزاري الأسماك، هم أسرع وأمهر في تنظيفها ونزع كل الشوك منها، وتسليمها نظيفة جاهزة على الطهي مقلية أو طاجن.

لا يأكلها الصيادون

" أنا مأكلتهاش ولو حلوه أوي زي ما الناس متخيلة الصياد مش هيطلعها لانها بتيجي قليلة، ومكان سعرها هيكون أضعاف قيمتها"، يقول وكيل مراكب الصيد، إن السمكة عادية جدا، وليست مميزة في الطعم، من تناولها أخبره أن طعمها مثل الأنواع الشعبية بيضاء اللحم، لكن لونها يضعها في مرتبه مختلفة.

سمكة حمراء

رغم قلة الكمية المصيدة من السمكة، وقلة الكمية الموردة منها إلى سوق العبور إلا ان السمكة تلقى اقبال هناك وتباع بقيمة أكثر من سعرها في السويس، والسبب في ذلك لون السمكة.

" في القاهرة أي سمكة حمراء على الفرش بتتباع بسرعة.. الصَرع والجحا أو مرجان أبو نظارة وكذلك سمكة الأسد، تباع بسعر مرتفع" يؤكد بدير أن الزبون في سوق العبور المجمع والأسواق المنتشرة في ربوع العاصمة يحسبون تلك الأسماك الحمراء من أصناف من المرجان بسبب لونها الأحمر، ويقبلون على شرائها، مقارنة بأنواع أفضل طعما وأعلى قيمة غذائية، لكن لونها أبيض.

أقرا أيضا