الانقسامات تضرب إدارة بايدن بسبب حرب غزة
كتبت- سلمى سمير:
تزايدت الخلافات داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على خلفية تعاطيها مع الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 7 أشهر، والتي دفعت عدد من المسؤولين لتقديم استقالتهم مع تمسك الإدارة بموقفها الحالي من الحرب.
جاءت آخر تلك الاستقالات بترك المتحدثة الناطقة بالعربية باسم الخارجية الأمريكية هالة غريط، منصبها جراء تعامل إدارة بايدن مع الحرب. وبررت استقالتها في منشور عبر حسابها الشخصي على موقع "لينكد إن" قائلة إنها تركت منصبها اعتراضًا على سياسات الولايات المتحدة داخل قطاع غزة منذ بداية الحرب، والتي اعتقدت أنها كان بمقدورها تغيير تلك السياسات "الفاشلة" لكنها أدركت بعد ذلك عدم مقدرتها على الاستمرار أكثر في المنصب.
تأتي استقالة غريط بوصفها الثالثة في سجل الاستقالات التي شهدتها وزارة الخارجية الأمريكية من قبل عدد من المسؤولين منذ اندلاع الحرب أكتوبر الماضي لإيضاح اعتراضهم على دعم واشنطن للحكومة الإسرائيلية وانتهجت طريقهم غريط، وهو ما ردت عليه وزارة الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الخارجية، بأن الوزارة تمتلك قنوات يستطيع موظفوها من خلالها إبداء اعتراضهم وتبادل وجهات النظر مع الإدارة حول السياسات التي لا يتم الاتفاق حولها.
اتهامات ومضايقات
ردت غريط، على تعليق الخارجية الأمريكية على استقالتها، قائلة، إنها كانت "منبوذة" داخل الوزارة نظرًا لاعتراضاتها وتبادلها وجهات النظر عبر القنوات التي ذكرتها الوزارة، والتي لم ترق لهم، وذلك خلال مقابلة لها مع صحيفة "إن بي أر" الأمريكية.
عند حديث المحاورة لها عن اطلاع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على الخطابات الاعتراضية التي يقدمها الموظفون والمسؤولون، قالت غريط، إنه تم استدعاؤها هي وعدد من الموظفين بسبب ما أسمتها الخارجية "معاييرهم المزدوجة" عند أدائهم لمهامهم المكلفين بها، وتسببهم بردود فعل عنيفة في المنطقة جراء خطاباتهم وتصريحاتهم التي وصفتها بـ "المفتقرة للمصداقية".
رفضت غريط، منذ بداية الحرب إجراء مقابلات للحديث عن الوضع في غزة بصفتها مدير المركز الإعلامي الإقليمي للوزارة في دبي، مع يقينها بإضرار سياسات الإدارة الأمريكية بمصالح أمريكا في المنطقة العربية، من جهة أخرى استمرت في عملها بطريقة لم تلق قبول الإدارة ما استدعى اتخاذ عدة إجراءات بحقها أولها اتهمامها بسوء السلوك لرفضها القيام بعملها.
لم تقتصر الاتهامات على سوء السلوك، بل وصلت حد المضايقات والتدخل في العمل، بإخبارها بتقليل مدة البث المباشر أثناء تصريحاتها عن تعليق الإدارة على الحرب الدائرة، لكن ذلك انتهى بمطالبتها بتقديم استقالتها.
مع خدمتها طوال 18 عامًا داخل الخارجية الأمريكية تقول، غريط إنها لم تشهد طوال تلك الفترة استياء كما عهدته تلك الفترة، مشيرة إلى حالة من الاستياء الشديد جراء السياسات الأمريكية وعدم القدرة على الحديث عن تلك السياسات .
سلسلة استقالات
تأتي استقالة غريط ضمن سلسلة استقالات بدأت بشكل قوي مع استقالة مدير مكتب شؤون الكونغرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية للشؤون العامة بالخارجية الأميركية جوش بول، وهو المسؤول عن صفقات الأسلحة التي يتم عقدها مع الدول الأجنبية، والتي قدمها في نفس يوم زيارة بايدن إلى إسرائيل لتقديم الدعم في 19 من أكتوبر الماضي.
حدد بول أسباب استقالته التي جاءت مبكرًا منذ بداية الحرب، بأن الإدارة الأمريكية عازمة على تقديم الدعم لإسرائيل وهو ما لن يكون قادرًا على فعله، من خلال إرسال الأسلحة الأمريكية الفتاكة إلى إسرائيل من أجل الانتصار في حربها على غزة.
"أخذت عهدًا على نفسي بأن أبقى طالما كان الخير الذي أفعله أكبر من الضرر" كانت هذه الكلمات جزءًا من تعليق بول على استقالته من منصبه الذي قال إنه شهد على العديد من الأشياء الغير أخلاقية أثناء وجوده فيه، والتي لن يستطيع منعها في ظل الحرب المستمرة لكنه على الأقل لن يكون جزءًا من هذا الدعم.
رغم تنديد بول بهجوم حماس في الـ7 من أكتوبر ودعمه لإسرائيل في حق الدفاع عن نفسها كما يقول، لكنه في ذات الوقت لم يوافق على طريقة إسرائيل في الرد والتي شردت الآلاف من منازلهم"، كما لم يوافق على دعم واشنطن بأسلحة فتاكة "غير عادلة" ومتناقضة مع القيم الأمريكية.
لا معنى لبرقيات المعارضة
تلى استقالة بول، استقالة أخرى من مسؤولة الشؤون الخارجية في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية أنيل شيلين، احتجاجًا على دعم الولايات المتحدة المستمر للحرب الإسرائيلية.
استقالت شيلين البالغة من العمر 38 عامًا بعد عام من تولي منصبها والذي قضت نصف تلك الفترة في حرب غزة، شهدت فيها تجاوزات عدة على حقوق الإنسان في قطاع غزة، مع تركيزعملها على مراقبة حقوق الإنسان في أفريقيا والشرق الأوسط والتي تعقدت منذ بداية حرب غزة، وذلك خلال مقابلة لها مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
حاولت شيلين الحديث عن التجاوزات التي وقعت بحق المدنيين في قطاع غزة من خلال برقيات المعارضة التي تزعمها الإدارة الأمريكية، إلا أنه في النهاية لم تؤخذ مخاوفها بعين الاعتبار وتم تجاهلها لذلك قررت تقديم استقالتها مع عزم الإدارة الأمريكية على دعم إسرائيل من خلال الأسلحة.