-

محامون يشيدون بتعديلات الإجراءات الجنائية:

محامون يشيدون بتعديلات الإجراءات الجنائية:
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة

كتب - طارق سمير:

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قانونًا بتعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية، ليستحدث درجة الاستئناف على أحكام الجنايات "مستأنف الجنايات"، لتصبح إجراءات التقاضي في الجنايات على درجتين مثل الجنح، ما يعني أنه أصبح أمام المتهم 3 درجات تقاضي؛ اثنتين أمام الجنايات ودرجة أخيرة أمام محكمة النقض.

ويطبق القانون المستحدث على الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات بداية من تاريخ صدوره أمس الأربعاء، وفق المادة الرابعة من نص القرار الجمهوري الصادر بتاريخ 17 يناير 2024.

يرى محامون بالاستئناف العالي ومحاكم النقض أن التعديل الجديد ينصر حق المتهم ويعطيه حقه كاملا في التقاضي، بينما يرى آخرون أن تطبيقه على أرض الواقع يحتاج كثيرًا من الإمكانيات المادية والبشرية وسط تكدس المحاكم بالقضايا.

قال المحامى عصام شيحة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان إن التعديل الجديد يزيد من الضمانات القانونية للمتهم في محاكمة جنائية عادلة منصفة، موضحًا أن تحول بموجبه محكمة النقض لمحكمة موضوع وتصدي.

وأكد "شيحا" لـ"مصراوي" أن ليس للتعديل تأثير على محكمة النقض بل التعديل يستهدف زيادة ضمانات محاكمة المتهم مرتين أمام درجة تقاضي عادية ومرة أمام محكمة النقض، وليس له علاقة بتخفيف الضغط علي محكمة النقض، لأن محكمة النقض لم ينتقص هذا التعديل من دورها، بل تبقي نهاية جميع القضايا أمام محكمة النقض.

ونوه إلى أن التعديل يعزز ويساهم في تحقيق محاكمة جنائية عادلة أفضل بكثير من السابق، فكان في السابق يضطر المتهم إذا صدر ضده حكم أن ينفذ العقوبة وينتظر دوره أمام محكمة النقض، والذي كان يطول لفترة تصل إلى عام أو أكثر، ولا يخفي على أحد أنه حتى إن عدلت محكمة النقض الحكم وبرأت المتهم وخرج من السجن مباشرة تنفيذا لحكم البراءة، كانت تخلف فترة التنفيذ آثار سلبية لا يمكن تداركها.

وأتم حديثه: "الآن أصبحت تنظر الدعوى أول مرة أمام محكمة الجنايات، ثم بعد ذلك تصدر المحكمة حكمها، ويجوز للمتهم أن يستأنفه أمام المحكمة الاستئنافية الخاص بمحكمة الجنايات، مما يساعد ذلك في تحقيق العدالة الناجزة دون أن يصيب المتهم أي اثار سلبية في حالة الحكم ببرائته".

واتفقت نهى الجندي، المحامية بالنقض، مع "شيحا" بأن بعض أحكام الجنايات قد لا تكتمل بها الدلائل الكافية للإدانة، ما يجعل المتهم بحاجة لدرجة تقاضي أخرى غير محكمة النقض لتقليل مدة حبسه احتياطيًا، موضحة أن التعديل الجديد سيمنحه الحق في الاستئناف على حكم أول درجة وإعادة محاكمته من جديد لطرح أي دليل يبرئه من تهمته.

ووصفت "الجندي" لـ"مصراوي"، اليوم الخميس، القانون الجديد بالصحيح والموفق، معلقة "خطوة جاءت بناءً على صحيح الدستور وتعليمات وزير العدل وحق الاستئناف درجتين يضع المتهم في طريق تحقيق العدالة الكاملة والمؤكدة"، مشيرة إلى أن قضاة النقض كانوا أصحاب نظر الدعاوى الجنائية في درجتها الثانية وما جرى سيقلل من تكدس القضايا لديهم، ما يعني أن من الممكن حصول المتهم على البراءة قبل وصوله لطريقه الأخير أمام النقض.

ألمحت المحامية بالنقض أن المتهم بالأكيد ستقل فرصة حبسه احتياطيًا المقررة قانونًا بـ18 شهرًا - وفق قانون الإجراءات الجنائية - لأن الاستئناف على الحكم الجنائي سيكون أسرع وأنجز من الطعن أمام محكمة النقض وتحديد جلسة لمحاكمته من جديد، فالمرحلة الثانية من التقاضي ستقف بصفه وتعفيه من الحبس على ذمة التقضية لمدة أطول.

خالف أحمد راغب، المحامي بالنقض، رأي "الجندي"، متوقعًا أن يؤدي القانون الجديد إلى تكدس القضايا أمام محاكم الجنايات، متسائلًا "هل توافرت الإمكانات المادية والبشرية لاستئناف الجنايات؟".

وأضاف أن المحاكم بها تكدس حقيقي بالقضايا التي تخص الجنح والجلسة الواحدة تصل لمئات القضايا بعكس الجنايات التي تصل لـ 10 أو 20 قضية في الجلسة وتعمل أسبوع واحد في الشهر ليكن لها فرصة أكبر لدراسة القضايا بينما جلسات الجنح تكون أسبوعية".

وفي ذات السياق، أصدر المستشار محمد عامر جادو رئيس محكمة استئناف القاهرة، أمس الأربعاء، قرارا بإنشاء 29 دائرة محكمة جنايات مستأنفة جديدة، تطبيقا للتعديلات الأخيرة لأحكام قانون الإجراءات الجنائية والتي أقرها مجلس النواب أول أمس "الثلاثاء" وصدق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأصبح التقاضي بموجبها أمام محاكم الجنايات على درجتين.

قال أحمد الأسيوطي، المحامي بالاستئناف العالي، إن التعديل الجديد طال انتظاره وترقبه من الكثيرين سواء محامين أو المتهمين أو المهتمين بالحقوق والحريات لنحو 10 سنوات منذ العمل بدستور 2014 الذي نص على "ضرورة التقاضي على درجتين أمام محكمة الجنايات".

وأضاف أن التعديل أجاز للمتهم الحق في الطعن على الحكم الحضوري الصادر بحقه من محكمة جنايات أول درجة أمام محكمة الجنايات المستأنفة، موضحًا أن جاء بالتعديل من حق المتهم الطعن بالاستئناف خلال ٤٠ يومًا من تاريخ صدور الحكم، وللنائب العام خلال ٦٠ يومًا".

وأكمل: "جاء بالتعديل أيضًا أن الطعن بالاستئناف لا يوقف تنفيذ الحكم الصادر بحق المتهم ما لم تأمر دائرة الجنايات المستأنفة وقف تنفيذ الحكم المستأنف فيما عدا أحكام الإعدام فيتم وقف تنفيذها، وتضمن التعديل أيضا آلية وكيفية الطعن على أحكام محكمة الجنايات المستأنفة وذلك بأن يكون بالنقض وإعادة النظر فقط، وهو ما يرتب عليه بأن أحكام محكمة جنايات أول درجة لا تقبل الطعن بالنقض مطلقا كما كان معمول به قبل ذلك".

ويرى المحامي بالاستئناف العالي أن التعديل جاء لصالح العدالة ويحافظ على حقوق المتهمين وحرياتهم وتقليص مدة حبسهم فمن الجائز أن يحصل المتهم على حكما بالبراءة أمام محكمة الجنايات المستأنفة، وهو ما يقلل مدة السجن والحبس بالنسبة للمتهمين - في ظل تكدس أروقة محكمة النقض بالطعون وهو ما كان يطيل أمد الفصل فيها لسنوات.

وأكد أن التقاضي أمام محاكم الجنايات على درجتين حق دستوري أصيل للمتهمين حتى يطمئن المتهم ومحاميه وذويه إذا ما تأيد عليه حكما بالسجن بأنه استنفد حقه القانوني أمام درجتين تقاضي وليس درجة واحدة.