دروس من السعي بين الصفا والمروة

دروس من السعي بين الصفا والمروة

كتب - حسن مرسي:

معاني عميقة في السعي بين الصفا والمروة

أوضح الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن في تدبر آية السعي بين الصفا والمروة دروسًا عقدية وسلوكية عظيمة. هذه الدروس تكشف عن عمق اللغة القرآنية وتوجيهاتها التي تربط بين العبادة والحياة، والفريضة والنية. حيث يشير الله عز وجل في قوله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، إلى أن هذه الشعيرة الخالدة تمثل رمزًا من رموز التوحيد واليقين، وتجسد قصة الإيمان والصبر التي تجسدت في حياة السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام.

معاني الحج والعمرة

خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، أشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن قوله تعالى: ﴿فمن حج البيت﴾ تعني القصد إلى بيت الله الحرام لأداء المناسك، بينما قوله: ﴿أو اعتمر﴾ تعني أداء العمرة، وهي تستمد جذورها من نفس الجذر (ع-م-ر) الذي يدل على البناء والعمارة. حيث أن العمرة تعمر القلب، وتجدد العمر، وتقوي الصلة بالله سبحانه وتعالى.

جهد المعتمر وتفضيل الحج

وأضاف الدكتور داود: "كلمة اعتمر جاءت بصيغة افتعل، وهي صيغة تدل على بذل الجهد والمشقة، مما يعكس أن المعتمر يُكلف نفسه طاعةً ليست مفروضة، وبهذا ينال القرب من الله. بينما الحج يُعتبر فريضة، ولذلك جاءت الكلمة أخف واللفظ أيسر."

فقه الأولويات في العبادة

وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن تقديم الحج على العمرة في الآية الكريمة هو إشارة قرآنية واضحة لفقه الأولويات. حيث يُظهر ذلك ضرورة تقديم الفريضة على النافلة، وهذا يعلم المسلم أن يبدأ دومًا بما هو واجب عليه قبل ما هو تطوع. وأضاف: "هذا ليس ترتيبًا لغويًا فقط، بل هو توجيه تربوي لتأسيس حياتنا على ترتيب الأولويات في العبادة، والعلم، والعمل، والإنفاق، وكل جوانب السلوك."

السعي بين الصفا والمروة

في تفسيره لقوله تعالى: ﴿فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾، بين الدكتور داود أن معنى "لا جناح" هو نفي الإثم والحرج، والمراد به نفي ما كان في صدور بعض الصحابة من تساؤلات حول حكم السعي، حيث ظن البعض أنه من بقايا الجاهلية. فجاء القرآن ليؤكد أن السعي بين الصفا والمروة هو من شعائر الله، وأنه عبادة مشروعة ومحببة.
العبقري مترجم الحلقة 31

دور القرآن في الحياة

وأردف: "القرآن لا ينفك عن الحياة، وكل لفظ فيه يحمل نورًا وهدى. وفي آية الصفا والمروة، تتجلّى معاني الطاعة وتجديد الروح وترسيخ فقه الأولويات. وهي معانٍ يحتاجها المسلم في كل وقت، خاصة في زمن غابت فيه كثير من الموازين بين الفرض والنفل، والضروري والهامشي."