-

سكورسيزي والقضية.."قتلة زهرة القمر" بين الجشع

سكورسيزي والقضية..
(اخر تعديل 2024-09-09 15:26:01 )
بواسطة


كتب - مروان الطيب:

يعود لنا المخرج المخضرم مارتن سكورسيزي هذا العام بتحفة سينمائية جديدة بعنوان "قتلة زهرة القمر" وهي رواية للصحفي والكاتب الأمريكي ديفيد جران نشرت عام 2017 ويتطرق خلالها إلى "الهنود الحمر" السكان الأصليين للأمريكيتين وبالأخص قبيلة تدعى "أوساج" التي حكمت تاريخيًا العديد من الولايات منها "كنساس، أوكلاهوما، ميسوري، أركنساس"، واكتشافها مصادفة النفط تحت أراضيها في ولاية أوكلاهوما لتصبح القبيلة من أغنى القبائل في العالم تحاك ضدهم مؤامرة من قبل المستوطنين البيض الذين يقومون بالتخلص منهم وامتلاك الحقوق الخاصة بالنفط بدون وجه حق.

ويقدم لنا "سكورسيزي" هذه المرة قصة تمس الواقع وبشدة من خلال قبيلة "أوساج" الهنود الحمر "السكان الأصليين" للولايات المتحدة الذين يكتشفون بالصدفة ابارا من النفط وكانت بداية الرخاء بالنسبة لهم حتى بدأت الشركات الأمريكية في شراء حقوق شراء هذا النفط ليكون الهنود الحمر هم "المحظوظون" الذين يحسدهم الأمريكان الذين يروا أن هذه الثروة ليس فقط لا يستحقوها بل إنها أكثر من أن تكون بيد مجموعة من "البربريين" على حد قول إحدى الممثلات بأحداث الفيلم حرفيا وهي الحقيقة التي يعلمها الجميع وعلى الرغم من إظهار محبة البعض لهم فأنهم يرونهم كعرق أقل ولابد من استغلالهم بالشكل الأمثل ليأتي الإسقاط هنا بشخصية "ويليام هيل" أو ما يطلقون عليه "الملك" روبرت دي نيرو" الذي يمتلك مزرعة علي أرض "أوساج" ليطلب مجيء ابن أخيه "إرنست بيركهارت" إلي "أوساج" للعمل لديه ولكن هناك نوايا أخرى غير معلنة.

يعمل "إرنست" سائق على إحدى السيارات وفي إحدى المرات يتعرف على سيدة تدعى "مولى" وهي ابنة أغنى عائلات قبيلة "أوساج" ليقوم عمه بتدبير خطة لزواجه منها وجمع العائلتين في فرصة للاستيلاء على ثرواتها وحقوقهم الخاصة بشراء النفط، ليدخل "إرنست" في علاقة عاطفية مع "مولي" تنتهي بزواجه منها، وتبدأ خطتهما الجهنمية لتتوالى الأحداث ويبدأ "الملك" في التخطيط لكيفية استغلال "مولي" وقبيلة "أوساج" وإزاحة الطريق أمام جشعه و محاولة أخذ ما هو ليس حقًا له، ليقوم "الملك" بالتخلص من قبيلة "أوساج" واحدًا تلو الاخر لتكون ثروتهم بالكامل عائدة لـ "مولي" زوجة ابن اخيه "إرنست" المغفل الوسيم الذي نجح في جعل "مولي" تقع في حبه وهو الثعبان الذي يلتف حول رقبتها دون أن تدري.

تتوالى أحداث فيلم "زهرة قتلة القمر" وسط حوادث قتل مريبة تحدث للعديد من أعضاء قبيلة "أوساج" ولا يتم التحقيق فأي منها إلا أن تقوم "مولي" في إحدى المرات الاستعانة بمحقق محترف يكشف لها العديد من الخبايا الخاصة بحوادث القتل الغامضة حتى يتم التخلص منه من قبل "إرنست" و"الملك" والذي كاد أن يفضحهما ويكشف الخطة للتخلص من القبيلة، لتقوم عدد من قبيلة "أوساج" بدفع مبلغ مالي ضخم للحكومة الأمريكية لإرسال أحد المتخصصين للبحث في وقائع جرائم القتل المستمرة لأفراد القبيلة وبالفعل يتم إرسال أحد المحققين من المباحث الفيدرالية بشكل رسمي للتحقيق وهو ما يربك حسابات "الملك" وابن اخيه "إرنست" وان نهايتهما قد اقتربت وفضح استغلالهم لقبيلة "أوساج" للاستيلاء على ثرواتهم وأراضيهم.

الفيلم يسلط الضوء على الجانب الأمريكي ويصفهم بالمرتزقة ومغتصبي الأراضي بدون وجه حق في محاولة لإرجاع الحقوق إلى أصحابها ونواياهم التي على الرغم من أن معظم الوقت تظهر بريئة ومسالمة إلا أنها تحمل العديد من النوايا السيئة والغير شريفة، حيث يقوم "سكورسيزي" بفضح السياسات الأمريكية وعن محاولته كشف الحقائق التي يحاولون طمسها وتزييف الحقائق وسط جشع أمريكي واغتصاب الحقوق وهيمنتهم على العالم بأفكارهم الملتوية والكاذبة.

وعرض فيلم "قتلة زهرة القمر" لأول مرة بفعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الأخيرة ولاقي إشادة واسعة من قبل النقاد وصناع السينما المتواجدين بالفعاليات ووصفوه كونه أحد أهم الأفلام السينمائية هذا العام ليس فقط لتعاون كوكبة من نجوم هوليوود ولكن نظرًا لقصته التي تمس الواقع والأحداث الجارية في العالم بشكل كبير، ولفت انتباه البعض الممثلة الأمريكية، ليلي جلادستون والتي تنحدر أصولها من السكان الأصليين وعن أدائها الاستثنائي بأحداث الفيلم وعن قرب ترشحها لأول مرة بمسيرتها لجائزة الأوسكار بفئة "أفضل ممثلة في دور رئيسي"، إلى جانب الإشادة بالنجم العالمي، روبرت دي نيرو، والنجم ليوناردو دي كابريو وعن إمكانية ترشحهما أيضًا لجائزة الأوسكار عام 2024.