خطاب ترامب والتعريفات الجمركية العالمية

خطاب ترامب حول التعريفات الجمركية

في مساء يوم الأربعاء، قدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خطابًا مثيرًا للجدل حول مجموعة من التعريفات الجمركية العالمية التي سيطبقها على مختلف الدول. وقد تضمن خطابه مجموعة من الادعاءات المثيرة، التي اعتاد على تكرارها في مناسبات سابقة. لكن، عند تحليل تصريحاته بدقة، نجد أن هناك كثير من التناقضات بينها وبين الواقع.

التعريفات الجمركية على الألبان

عند حديث ترامب عن التعريفات الجمركية المفروضة على الألبان في كندا، ذكر أن كندا تفرض رسومًا جمركية تفوق 250% على بعض منتجات الألبان الأمريكية. ورغم أن هذه المعلومة صحيحة، إلا أن ترامب أضاف ادعاءً غير دقيق عن تصدير الحليب الأمريكي إلى كندا، حيث أشار إلى أن "أول علبة حليب صغيرة" تصدر إلى كندا تواجه رسومًا منخفضة، ثم تزيد تدريجيًا لتصل إلى 275% أو حتى 300%.

لكن الواقع يكشف أن كندا، من خلال اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA)، قد ضمنت أن واردات الحليب الأمريكي ستستفيد من حصص جمركية صفرية، مما يتيح للولايات المتحدة تصدير كميات كبيرة من الحليب إلى كندا دون أي رسوم.

من الجدير بالذكر أن صناعة الألبان الأمريكية نفسها تعترف بعدم استغلال الحصة المسموح بها لتصدير الحليب الأمريكي إلى كندا، حيث لم تصل الولايات المتحدة حتى إلى نصف الكمية المقررة، مما يدل على أن التعريفات المرتفعة على الحليب الأمريكي ليست فعالة أصلاً.

العجز التجاري الأمريكي مع كندا

في خطابه، ذكر ترامب أن الولايات المتحدة "تدعم العديد من الدول"، وأشار إلى أن "العجز السنوي مع كندا يقترب من 200 مليار دولار". ولكن، وفقًا للإحصاءات الرسمية لوزارة التجارة الأمريكية، فإن العجز الفعلي مع كندا في تجارة السلع والخدمات بلغ 35.7 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يبرز فارقًا كبيرًا عن الرقم الذي ذكره ترامب.

من يتحمل تكلفة التعريفات الجمركية؟

كرر ترامب ادعاءه بأن الرسوم الجمركية المفروضة على الصين خلال فترة رئاسته الأولى جلبت مئات المليارات من الدولارات للولايات المتحدة. لكن الحقيقة هي أن المستوردين الأمريكيين هم من يتحملون تكلفة هذه الرسوم، كما أفادت "لجنة التجارة الدولية الأمريكية".

على سبيل المثال، العديد من الشركات قامت بنقل تكلفة الرسوم إلى المستهلكين الأمريكيين، مما يجعل العبء يتحمله المواطن الأمريكي وليس المصدر الأجنبي.
فريد 3 مدبلج الحلقة 501

التضخم والفوائد الاقتصادية

ادعى ترامب أيضًا أن الولايات المتحدة شهدت "أعلى" معدل تضخم في تاريخها خلال فترة بايدن، رغم أن معدل التضخم في يونيو 2022 لم يصل إلى الرقم القياسي الذي بلغ 23.7% في عام 1920. وعندما زعم ترامب أنه لم يكن هناك "تضخم يُذكر" خلال رئاسته، فإنه يتجاهل حقيقة أن الأسعار ارتفعت بنحو 8% خلال فترة رئاسته.

أسعار الغاز والادعاءات الاقتصادية

أما فيما يتعلق بأسعار الغاز، فقد ذكر ترامب أنه خفض الأسعار "بشكل كبير" منذ عودته إلى منصبه في يناير، مشيرًا إلى أن "أسعار البنزين أقل من 3 دولارات". ومع ذلك، كان المتوسط الوطني لأسعار البنزين حوالي 3.24 دولار للجالون في يوم خطابه، وهو أعلى من المتوسط في يوم تنصيبه.

في الختام، يكشف خطاب ترامب عن الكثير من التناقضات والادعاءات المبالغ فيها التي تحتاج إلى تدقيق وحقائق واضحة. إن فهم الواقع الاقتصادي يتطلب النظر إلى الأرقام والبيانات بعناية، وليس الاعتماد على التصريحات العامة فقط.