شرطان حاسمان.. ما المطلوب لعودة مصر إلى تحرير
كتبت- منال المصري:
حدد مصرفيون ومحللون، تحدث إليهم "مصراوي"، عودة البنك المركزي المصري إلى سياسة تحرير سعر الصرف- أي التخلي عن دعم الجنيه وترك تحديد سعره أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية وفق سياسة العرض والطلب- شرطين أساسيين لتجنب انخفاض الجنيه إلى مستويات غير متوقعة بسبب ضغوط نقص النقد الأجنبي وانتشار السوق السوداء.
كان جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، قال في مؤتمر صحفي أمس، إن فريق من الصندوق يعمل مع السلطات المصرية على المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج مصر، الذي يستهدف حماية الاقتصاد المصري من الصدمات الخارجية وهنا "تحرير سعر الصرف ضروري".
وخلال آخر عامين ارتفع سعر الدولار بنحو 96% مقابل الجنيه على 3 موجات ليقفز من 15.76 جنيه في مارس 2022 إلى قرب 31 جنيها وهو سعر ثابت عليه من مارس 2023 وحتى نهاية تعاملات البنوك اليوم.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في زيادة ضغوط نقص النقد الأجنبي وتراجع مواردها الرسمية من الدولار، وانتشار السوق السوداء للمضاربة على العملة بما أدى إلى زيادة اتساع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي بأكثر من 100%.
قال الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن عودة مصر إلى مرونة سعر الصرف مرهون بتوافر عاملين هامين الأول وجود ضمانات كافية باستمرار معدل التضخم إلى نحو الهبوط بحيث يسجل رقما أحاديا خلال عام أو عامين.
وشدد خلال مداخلته الهاتفية أمس مع الإعلامي شريف عامر في برنامج "يحدث في مصر"، على ضرورة التأكد من أن لن يؤدي تحرير سعر الصرف مجددا إلى تفاقم معدل التضخم- أي زيادة أسعار السلع في السوق.
وأدى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه إلى تسجيل المعدل السنوي للتضخم مستوى قياسيا خلال العام الماضي قبل أن يتراجع للمرة الثالثة إلى 33.7% في ديسمبر الماضي على مستوى المدن، وفق بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ولا يزال معدل التضخم يفوق مستهدف البنك المركزي عند مستوى 7% بزيادة أو أقل 2% خلال الربع الأخير من العام الجاري على أن ينخفض إلى 5% بزيادة أو أقل 2% خلال الربع الأخير من 2026.
أما العامل الثاني، وفق فخري الفقي، لاستئناف سياسة سعر الصرف المرن للجنيه يتمثل في توافر حصيلة نقد أجنبي بحوزة البنك المركزي تساعده على تمويل طلبات المستوردين.
وبداية من الأسبوع الماضي، يزور وفد من صندوق النقد الدولي مصر لبحث رفع قيمة التمويل المخصص لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعاون فيه الصندوق مع مصر، والمقدر بنحو 3 مليارات دولار والمتفق عليه منذ ديسمبر 2022، إلى جانب بحث إجراء المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج من أجل صرف شرائح جديدة من القرض.
ومددت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر حتى نهاية الأسبوع لإجراء محادثات عاجلة حول صفقة محتملة قد تجلب شركاء وتتجاوز 10 مليارات دولار، وفق ما نقلته بلومبرج الخميس.
وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن سياسة تحرير سعر الصرف لن تنجح في خروج مصر من الأزمة بدون وجود حصيلة نقد أجنبي لا تقل عن 8 و10 مليارات دولار لدى البنك المركزي تمكنه من إدارة سوق الصرف بهدف تجنب انخفاض الجنيه مقابل الدولار إلى مستويات غير متوقعة، وتوحش السوق السوداء.
وأوضح أنه في حال توافر حصيلة نقد أجنبي لدى البنك المركزي من المتوقع أن لا يزيد سعر الدولار عن 40 جنيها لكل دولار رسميا في البنوك، والقضاء على السوق السوداء ومطامع المضاربين وعودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى الاقتصاد الرسمي.
وأكد عبد العال أن سعر الدولار في السوق السوداء مبالغ فيه وغير واقعي ويرجع إلى زيادة المضاربات وسط ضعف المعروض من النقد الأجنبي في السوق.
تراجعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج- أهم موارد رسمي للنقد الأجنبي للدولة- بنحو 30% على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2023-2024، وفق تقرير أداء ميزان المدفوعات الصادر للبنك المركزي في وقت سابق.
كانت شركة فيتش سوليوشنز، توقعت في تقرير لها حول مصر خفض السلطات المصرية قيمة الجنيه إلى 40 و45 جنيها لكل دولار خلال الربع الأول أو الثاني من 2024.
فيما توقعت مؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال أن يقترب سعر الدولار في البنوك إلى سعر السوق السوداء ويسجل 60 جنيها بهدف العودة إلى مرونة سعر الصرف الذي يعد مطلبا أساسيا في برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر المدعوم من صندوق النقد الدولي.
اقرأ أيضا: